للكلمات معاني و مفاهيم، لها القدرة على أن تؤثر بنا، ولنا القدرة ان نحورها حسب اهوائنا.
يحاول المدافعون عن حقوق مختلفي الميول الجنسية ان يستنبطوا كلمات جديدة لوصف من يصفهم المجتمع بالشذوذ والانحراف وشتى انواع النعوت القاسية. وقد روّجوا (ونجحوا الى حد ما) لإستخدام مصطلحات جديدة لاستبدال تلك التي تحمل في طياتها اساءات وتجريح، لذلك تحل كلمة مثلي بدل من شاذ أو لوطي أو غيرها من العبارات.
ولكن في سعيهم لإيجاد البدائل لأوصاف كافة أطياف الميول الجنسية والأنواع الجنسية المختلفة، قد وقعوا في فخ الترجمة الحرفية من اللغات الأوروبية للعربية. لذلك يصبح الbisexual مزدوج ويصبح الTransgender متحول النوع الاجتماعي (اي والله مش اختراعي).
طيب وما المشكلة في الموضوع؟
بالنسبة لي هذه الكلمات أو النعوت تبدو ثقيلة وغريبة، تفتقر إلى سلاسة اللغة الأم المستعارة منها. ولكن الأهم أنّ هذه الالقاب لا تُفهمني غايتها. ما معنى مزدوج؟ مزدوج شو؟ لا أعرف، شي بحيّر.
أما متحولي النوع الاجتماعي...يا ربي دخلك، بدا منجم مغربي و ضرب بالرمل.
جندر، تجندر، مجندر، جندرة، غندر،غندرة. ضعتوا؟ أنا أيضاً. على كل حال تجندرنا بمعرفتكم.
جندر هي الكلمة المُعرَّبة ل gender والتي تشير الى الهوية الاجتماعية والنفسية للذكور والإناث وما بينهما. بذلك تسعى الكلمة أن تنطلق من الهوية البيولوجية للفرد لتبني هوية أوسع ضمن أُطُر اجتماعية وثقافية معينة. الحركات النسائية بشكل خاص فضَّلت هذا التمييز بين المكون البيولوجي والتأثيرات الاجتماعية على الصورة والدور والمكانة المخصصة للذكور والاناث.
إنَّ المرادف اللغوي لكلمة جندر بالعربية هو الجنس، وقد تبنى النشطاء العرب الكلمة المعربة في أدبياتهم. ما العيب في استعمال كلمة الجنس للاشارة لنفس المعاني التي تشير إليها كلمة جندر؟ اللغة العربية، كما أغلب اللغات، تستعين بنفس الكلمة أحياناً للدلالة على أمور مختلفة. طيب، فلنستعمل إذاً كلمة جنس في هذا الإطار، ولنحمِّلها المعاني التي نريد. ولكن بما أنَّ الكلمة هي جنس، يفضِّل بعض النشطاء خاصة المدافعين عن حقوق المثليين النسخة المعربة على غرابتها وثقل دمها.
هل يحتقر بعض النشطاء الجنس كنشاط جسدي، لذلك يُفضِّلون أن يستخدموا كلمة "أطهر" للدلالة على مقاصدهم؟ أم الخوف من أن يفسر المجتمع صراعهم على أنه واجهة لنيل حرية جنسية جسدية غرائزية يدفعهم لاختيار شديد الحذر للمصطلحات؟ أم هناك تفسير أو تفسيرات أخرى؟
لا أقصد بمقالي هذا انتقاد النشطاء، بل لفت نظرهم الى أنَّ المصطلحات التي يستعملونها تبدو أحيانًا غريبة وبعيدة عن واقع الناس، حتى أنَّ نسبة كبيرة من المعنيين الرئيسيين بأجندة النشطاء لا تفهم المقصود منها. من المهم أن لا يتحول خطاب النشطاء إلى نص درامي مأخوذ من مسلسلات مروان نجار، حيث الحوار والتركيبات اللغوية تبدو بعيدة وغريبة عن الطريقة الي يتكلم بها اللبنانيون واللبنانيات في حياتهم اليومية. فالمطلوب من النشطاء تبسيط المصطلحات والإيمان بقدرة اللغة العربية على التعبير عن مسيرتهم النضالية من أجل عيش حر وكريم في وطن يعاملهم كمواطنين درجة أولى، لا كبشر مُحتَّم عليهم العيش ابدا في الظلال والمواقع الخلفية.
This article was written for Barra Magazine, issued by Helem. I would like to thank the Barra Magazine team for publishing my article, special thanks to Ahmad for his help.
I highly encourage to read the magazine, it has lots of interesting articles. To Helem and the Barra Mag team, keep on the good work, we are proud of you.
No comments:
Post a Comment